responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 663
الْأَدِلَّةِ فِي كُتُبِ أُصُولِ الْفِقْهِ.
وَقَدْ قَسَّمُوا نَسْخَ أَدِلَّةِ الْأَحْكَامِ وَمَدْلُولَاتِهَا إِلَى أَقْسَامٍ: نَسْخُ التِّلَاوَةِ وَالْحُكْمِ مَعًا وَهُوَ الْأَصْلُ وَمَثَّلُوهُ بِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ لَا تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ فَإِنَّهُ كُفْرٌ بِكُمْ أَنْ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ، وَنَسْخُ الْحُكْمِ وَبَقَاءُ التِّلَاوَةِ وَهَذَا وَاقِعٌ لِأَنَّ إِبْقَاءَ التِّلَاوَةِ يُقْصَدُ مِنْهُ بَقَاءُ الْإِعْجَازِ بِبَلَاغَةِ الْآيَةِ وَمِثَالُهُ آيَةُ: إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ [الْأَنْفَال: 65] إِلَى آخِرِ الْآيَاتِ. وَنَسْخُ التِّلَاوَةِ وَبَقَاءُ الْحُكْمِ وَمَثَّلُوهُ بِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ: كَانَ فِيمَا يُتْلَى الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا وَعِنْدِي أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي نَسْخِ التِّلَاوَةِ وَبَقَاءِ الْحُكْمِ وَقَدْ تَأَوَّلُوا قَوْلَ عُمَرَ كَانَ فِيمَا يُتْلَى أَنَّهُ كَانَ يُتْلَى بَيْنَ النَّاسِ تَشْهِيرًا بِحُكْمِهِ. وَقَدْ كَانَ كَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ يَرَى أَنَّ الْآيَةَ إِذَا نُسِخَ حُكْمُهَا لَا تَبْقَى كِتَابَتُهَا فِي الْمُصْحَفِ فَفِي الْبُخَارِيِّ فِي التَّفْسِيرِ قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ قُلْتُ لِعُثْمَانَ: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً [الْبَقَرَة: 234] نَسَخَتْهَا الْآيَةُ الْأُخْرَى فَلِمَ تَكْتُبُهَا قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْهُ مِنْ مَكَانِهِ.
[107]

[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 107]
أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (107)
أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (107) .
مَسُوقٌ لبَيَان حِكْمَة النّسخ وَالْإِتْيَانِ بِالْخَيْرِ وَالْمِثْلِ بَيَانًا غَيْرَ مُفَصَّلٍ عَلَى طَرِيقَةِ الْأُسْلُوبِ الْحَكِيمِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ فَرَغَ مِنَ التَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ النَّسْخَ الَّذِي اسْتَبْعَدُوهُ وَتَذَرَّعُوا بِهِ لِتَكْذِيبِ الرَّسُولِ هُوَ غَيْرُ مُفَارِقٍ لِتَعْوِيضِ الْمَنْسُوخِ بِخَيْرٍ مِنْهُ أَوْ مِثْلِهِ أَوْ تَعْزِيزِ الْمُبَقَّى بِمِثْلِهِ أُرِيدَ أَنْ يَنْتَقِلَ مِنْ ذَلِكَ إِلَى كَشْفِ مَا بَقِيَ مِنَ الشُّبْهَةِ وَهِيَ أَنْ يَقُولَ الْمُنْكِرُ وَمَا هِيَ الْفَائِدَةُ فِي النَّسْخِ حَتَّى يَحْتَاجَ لِلتَّعْوِيضٍ؟ وَكَانَ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ أَنْ يَتَصَدَّى لِبَيَانِ اخْتِلَافِ الْمَصَالِحِ وَمُنَاسَبَتِهَا لِلْأَحْوَالِ وَالْأَعْصَارِ وَلِبَيَانِ تَفَاصِيلِ الْخَيْرِيَّةِ وَالْمِثْلِيَّةِ فِي كُلِّ نَاسِخٍ وَمَنْسُوخٍ. وَلَمَّا
كَانَ التَّصَدِّي لِذَلِكَ أَمْرًا لَمْ تَتَهَيَّأْ لَهُ عُقُولُ السَّامِعِينَ لِعُسْرِ إِدْرَاكِهِمْ مَرَاتِبَ الْمَصَالِحِ وَتَفَاوُتِهَا، لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَى تَأْصِيلِ قَوَاعِدٍ مِنْ أُصُولٍ شَرْعِيَّةٍ وَسِيَاسِيَّةٍ، عَدَلَ بِهِمْ عَنْ بَيَانِ ذَلِكَ وَأُجْمِلَتْ لَهُمُ الْمَصْلَحَةُ بِالْحِوَالَةِ عَلَى قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي لَا يَشِذُّ عَنْهَا مُمْكِنٌ مُرَادٌ، وَعَلَى سَعَةِ مُلْكِهِ الْمُشْعِرِ بِعَظِيمِ عِلْمِهِ، وَعَلَى حَاجَةِ الْمَخْلُوقَاتِ إِلَيْهِ إِذْ لَيْسَ لَهُمْ رَبٌّ سِوَاهُ وَلَا وَلِيٌّ دُونَهُ وَكَفَى بِذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ يَحْمِلُهُمْ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 663
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست